جهوية

أزمور.. الساحة العمومية تاريخ انتقام سياسي و نرجيسية رؤساء الجماعة

المراسل: محمد الغوفير

في زمن يعرف أزمة بيئية تحتاج إلى إحداث مزيد من المجال الأخضر، تحولت الحديقة العمومية الوحيدة وسط المدينة إلى ساحة من الإسمنت، عمرت زمنا طويلا لإنجازها، لتصبح من القصص الخالدة و الأزليات المحلية يحكيها الأجداد للصبيان، و كأن الأمر يتعلق بتشييد صرح سيدنا سليمان و قصته مع بلقيس ملكة سبأ، و قوله تعالى: ” قيل لها ادخلي الصرح، فلما رأته حسبته لجة و كشفت عن ساقيها، قال إنه صرح ممرد من قوارير…” صدق الله العظيم.
لقد عجز المسؤولون عن إيجاد حل لهذه الأزمة التي دامت أكثر من خمس سنوات، و كأننا ننتظر عفاريت سيدنا سليمان لتخليصنا من كابوس هذه الصفقة العمومية المشبوهة.
لم يتجرأ أحد من رؤساء المجالس البلدية المتعاقبة منذ ثمانينيات القرن الماضي، على إقبار الحديقة العمومية و شارع علال بن عبدالله برمزيته النضالية، حتى تقلد بدر نور البيت منصب رئيس المجلس الجماعي، ليعلن عن رزمة من الصفقات العمومية التي ولدت لتموت، منها هذه الصفقة العمومية التي أتت على الأخضر و اليابس، و انهت مع كل مجال اخضر في المدينة، و قضت على حلم سكان مدينة آزمور في الإستمتاع بمدينة جميلة، و خاصة في فصل الصيف موسم السياحة بامتياز.
بدأت القصة مع سنة 2015م و تحالف فيدرالية اليسار الديمقراطي و حزب الإستقلال و حزب العدالة والتنمية، لتعيش المدينة حكايتها مع الصفقة العمومية المتعثرة رقم 4/2019، و المتعلقة بتأهيل الساحة العمومية و حدائق مدينة آزمور، بمبلغ إجمالي يقدر ب: 12.964.776,00 درهم، من تمويل وزارة إعداد التراب الوطني و التعمير و الإسكان وسياسة المدينة، و بشراكة مع المجلس الجماعي لآزمور، حيث حصلت عليها شركة “أوربا” تحت تتبع مكتب الدراسات “ETUDOU”، و قد حدد زمن إنجاز الصفقة العمومية في أربعة عشرة شهرا، لتتحول بقدر قادر إلى أمد غير مسمى.
صفقة عمومية شكلت كابوسا يطارد سكان مدينة آزمور، و حديثا لكل سائح موسمي، وموضوعا متداولا في جميع المواقع الإلكترونية و المنابر الإعلامية، و هاجسا يطارد جميع المسؤولين المحليين و الإقليميين و الجهويين.
لقد ابان المجلس الجماعي السابق عن جهله الكبير بالموروث التاريخي المحلي، و ذلك من خلال القضاء عن مكاسب تاريخية، منها أهم شريان طرقي شكل المتنفس الوحيد لوسط المدينة، و هو شارع علال بن عبد الله الشخصية النضالية، و أحد رجالات المقاومة و الحركة الوطنية، الذي قام بمحاولة إغتيال السلطان الوهمي محمد بن عرفة، و أعطى الشرارة الأولى لعملية انطلاق ثورة الملك و الشعب، بعد أن قدم حياته في سبيل عودة الملك الشرعي محمد الخامس رحمه الله و أسكنه فسيح جناته، و تربعه على كرسي العرش العلوي المجيد، و حصول المغاربة على حريتهم و تخليصهم من براتن الاستعمار الفرنسي.
لقد أثارت هذه الصفقة العمومية جدلا كبيرا و غضبا شعبيا، لكن يظهر بأن القضية اخذت وجهة أخرى بعيدة كل البعد عن إطار ها القانوني، لتتحول إلى تصفية حسابات ضيقة بين صاحب الصفقة و الحاصل على الصفقة و مكتب دراسات الصفقة، حيث تبادل الاتهامات فيما بينهم، مما يستدعي تدخل مؤسسات الرقابة بكل اشكالها سواء منها المالية و القضائية و القانونية لفض هذا النزاع الذي دخل موسوعة غينيس للارقام القياسية لتحطيم أطول مدة زمنية لإنجاز مشروع تأكد ميدانيا بأنه فاشل و لا يرقى إلى مستوى خلق تنمية بالمدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى